التصنيفات
مقالات الضيوف

التسعينات هي العِقد الأفضل في التاريخ

لحظة نادرة وجدت الارض فيها الرتم المناسب، بين بطء الماضي وسرعة المستقبل

من وجهة نظري، التسعينات هي العِقد الأفضل في التاريخ القصير اللي عيشته، او يمكن اخر ١٠٠ سنة في حياة الكوكب ده

التسعينات كانت لحظة قصيرة ومرت بسرعة، لكنها لحظة نادرة وجدت الارض فيها الرتم المناسب، بين بطء الماضي وسرعة المستقبل، قدرت توصل فيها لتوازن بين سطوة التكنولوچيا على العالم وبين اساسية العامل البشري والشغل اليدوي، مكانش فيه حاجة صعبة بس في نفس الوقت مكانش فيه حاجة سهلة

مرحلة بشوفها عاقلة نسبيًا بين التمانينات والسبعينات المبالغ في كل تفاصيلهم وكأن العالم كان مراهق بألوان صاخبة وتطرف في كل حاجة، وبين الألفية الجديدة اللي تم تعليب كل شيء فيها وتسليعه، وخلاص بقى فيه guidelines لكل حاجة، اترسم للعالم حدود حقيقية واتحط للأحلام سقف، الألفية البراجماتية القاسية زي رجل خمسيني تمكن من السلطة، وبين الاتنين التسعينات هي الشباب اللي في النص

في التسعينات كان ممكن تبعت ميل وممكن تبعت جواب، كان ممكن تخلص شغلك على الكمبيوتر او بأيدك، الطفل كان ممكن يلعب ڤيديو جيمز او مع العيال برة البيت، كان الانسان واقف على مسافة واحدة من كل الاختيارات، وحتى الاختيارات نفسها مكانتش محدودة زي الماضي، ولا لانهائية زي المستقبل

حتى الافلام والمسلسلات من التسعينات، ليها سحر خاص حتى ان ناس كتير بتعتبر السينما الحقيقية ماتت بعد التسعينات، اللي بتديني شعور غريب يمكن مابعرفش اوصفه لكنه شبه كل الكلام اللي فوق ، الفيلم مش رديء ولا باين عليه ضعف الإمكانيات لكن في نفس الوقت مش متلمع اوي ولا غرقان جرافيكس وكروما يحسسوك انك بتشوف مشهد حقيقي، لأ انت عارف انك بتشوف فيلم وده جزء من حلاوته، كله sfx وحلول بشوية ذكية ومبتكرة بالميكانيكا والمكياچ… سحر حقيقي بعيدًا عن كسل الخلفية الخضرا والكمبيوتر

على ذكر السينما، انا يمكن مالحقتش من التسعينات غير خمس سنين لكني بحب نسخة القاهرة التسعينية في السينما جدًا، بصريًا بالأخص٬ في حاجات زي خماسية عادل إمام وشريف عرفة وافلام تانية كتير، الناس والشوارع والإعلانات، مكان مش قاسي ومش منفر تحب تعيش فيه.

يمكن ماكنتش واعي كفاية في التسعينات٬ والنوستالجيا كدابة بطبيعة الحال٬ بس كل حاجة بتختبرها كطفل بتفضل مطبوعة جواك٬ وانا كل اللي فاكره من مشاهد وذكريات فيها كان ليه طابع محدد لا يتصف الا بالدفا وان كل حاجة كان شكلها صح٬ في مكانها

طبعًا التسعينات راحت بلا رجعة وكل اللي جه بعدها واللي جاي عكسها تمامًا، لكتي كنت اتمنى ان الأرض تقف عندها شوية، كنت اتمنى التسعينات تفضل عشرات السنين من غير طمع البشر في حياة معلبة اسهل كل حاجة فيها بتخلص بprompt وكل اعلان فيها موجه ليك شخصيًا

المصدر